تقدّم الفنانة والباحثة آلاء يونس في معرضها "ماضٍ من كون زمني" أول استرجاع شامل لأعمالها في غرب آسيا، مستكشفةً كيف يُعاد تمثيل التاريخ وتوسيعه وإعادة صياغته عبر الزمن. عبر أرشيفات وصور ووثائق ومواد متداخلة، تضع يونس الزمن بوصفه وسيطًا وموضوعًا، وتكشف هشاشة الروايات التاريخية وثقل ما تبقى منها.
يجمع المعرض أعمالًا تمتد على مدى عشرين عامًا، من بينها "نفرتيتي" (2008)، "جنود صفيح" (2010–11)، و*"مخطط ومخطط (مؤنث) لبغداد الكبرى"* (2015، 2018)، إلى جانب أعمال جديدة أنتجتها عام 2025. تكشف هذه الأعمال عن علاقات معقدة بين التاريخ الرسمي والحياة اليومية والخيال السياسي.
يفتتح الزائرون المعرض بعمل "السد العالي (الهرم الحديث)" (2019)، تركيب هندسي يستلهم مشروع السد العالي. من خلال أشكال ملوّنة وجريئة، تحوّل يونس هذه العناصر إلى مسرح بصري يجمع قادة سياسيين، وصانعي أفلام، وجنودًا وممثلين — جميعهم يتحولون إلى عناصر سردية في أسطورة السد. العمل لا يقدم السد رمزًا للتقدم فقط، بل يعرّيه من خلال تفكيك مكوّناته الثقافية والسياسية.
في قاعات مجاورة، تتوسع هذه القراءة عبر أعمال مثل "السد العالي (شعرية الخرسانة)" (2023–25) و*"بنية الدراسة"* (2025) بالشراكة مع د. ماشا كيراسيروفا. تتداخل الصور الأرشيفية والرسومات والمخططات والنصوص لتكشف كيف صيغت صورة السد وكيف انتقلت عبر الفن والدعاية. وتتجاور هذه المواد مع لوحات من مؤسسة بارجيل، لتوضع أعمال يونس في حوار تاريخي مع فنانين تناولوا المشروع في حقبتهم.
في عمل "أداء" (2017)، تُستخرج شخصيات من أرشيفات سياسية — مثل شخص يحاول القفز فوق جدار برلين — وتُعاد صياغتها خارج سياقها. تظهر هذه الأجساد كشخصيات مسرحية، تذكّر بأن التاريخ يتكون من لحظات إنسانية قبل أن يصبح وثيقة.
يستمر العرض بعمل "مخطط ومخطط (مؤنث) لبغداد الكبرى" الذي يقدّم نموذجًا معماريًا لقاعة صممها لوكوربوزييه. تحيط بها تماثيل صغيرة لرجال ونساء، تكشف الوثائق المحيطة بها مستويات معقدة من التاريخ الاجتماعي والسياسي والمعماري للعراق.
أما السلسلة الأحدث، "ظروف مناخية" (2025)، فتتخذ منحى أكثر هدوءًا. عبر فسيفساء ورسومات لأبنية أبوظبي، ترصد يونس آثار الزمن على المدينة من خلال التمدّد والانكماش والشقوق الصغيرة الناتجة عن المناخ. تبدو الأعمال وكأنها وثائق لمبانٍ معاصرة لكنها منتمية للماضي.
يقترح معرض "ماضٍ من كون زمني" أن التاريخ ليس ثابتًا، بل مساحة مستمرة من التمثيل وإعادة التمثيل — زمن يتشكل ويتحول أمام أعيننا.
يستمر المعرض حتى 18 يناير 2026.
