تشارك

في دبي، يسطع مهرجان جديد لا يضيء المدينة فقط، بل يضيء الروح أيضاً. ضياء دبي، في نسخته الثانية من 12 إلى 18 نوفمبر 2025 في قبة الوصل بمدينة إكسبو دبي، يعيد تعريف مفهوم مهرجان الضوء. يشارك فيه فنانون إماراتيون فقط، ليحوّلوا الضوء إلى لغة فنية تعبّر عن التراث والهوية والانتماء.

رؤية نابعة من الأرض

في قلب المهرجان تقف المنسّقة أمنا أبوحُبول، صاحبة الرؤية التي أرادت أن “تجعل أصوات الأرض تتحدث بالضوء”. بدأت فكرتها قبل سنوات طويلة، حين سافرت حول العالم لزيارة مهرجانات الضوء واستلهام الأفكار. هناك، أدركت أن الضوء يمكن أن يكون وسيلة لسرد القصص وبث المشاعر. وعندما عادت إلى دبي، أرادت أن تطلق مهرجاناً يُضيء بروح إماراتية خالصة.

بعد انتهاء «إكسبو 2020 دبي»، أحيت حلمها من جديد، ولكن بطريقتها الخاصة. فبدلاً من اتباع نهج المهرجانات العالمية التي تستضيف فنانين من مختلف الدول، قررت أن تجعل ضياء دبي منصة للفنانين الإماراتيين فقط، بحيث تكون كل فكرة وكل قطعة فنية نابعة من الأرض ومصنوعة بأيدي أبنائها.

إضاءة التراث

الأعمال المشاركة في المهرجان تتجاوز الجمال البصري لتغدو قصصاً مضيئة للذاكرة والانتماء.

  • عمل نجاة مكي “عبير الذكريات” يصوّر نساء الإمارات السبع بأشكال ضوئية أنيقة تجسّد القوة والأنوثة.

  • عمل مطر بن لاحج “حركة السكون” يجمع بين الخط العربي وقوة الفرس في اندماج بين الكلمة والحركة.

  • عمل محمد يوسف “ما زلت طفلاً” يعيد إحياء مشاهد الطفولة والحياة العائلية الإماراتية.

  • عمل ريم القيث “دراويزنا” يستلهم الأبواب القديمة لدبي، بينما عمل خالد الشاعر “الرحّال 2.0” يحوّل العريش التقليدي إلى بنية ضوئية حديثة.

  • عمل ميثاء حمدان “ما بعد الحياة” وعمل عبدالله المُلّا “المئذنة 2.0” يقدّمان رؤية معاصرة تجمع بين الإيمان والعمارة والنور.

تجتمع هذه الأعمال تحت قبة الوصل، التي يبلغ ارتفاعها 67 متراً، لتشكل معاً لوحة فنية هائلة تجمع بين الضوء والذاكرة.

الضوء كلغة فنية

بالنسبة لأبوحُبول، لا يُعد المهرجان مجرد عرض بصري، بل سردٌ فنيّ للهوية الإماراتية. فهي ترى أن الضوء لغة عالمية قادرة على نقل العاطفة والذاكرة والانتماء. تقول: «يجب أن تكون القطع في انسجام، فلا تفرّق بين الروّاد والمبتدئين، لأن جميع الأعمال تتحدث بلغة واحدة».

كل عام، يجمع المهرجان أجيالاً من الفنانين — من الرائدة فاطمة لوتاه، أول إماراتية درست فن الأداء، إلى المواهب الشابة التي تواصل حمل شعلة الإبداع. إنها حوار بين الأجيال، يلتقي فيه الماضي بالحاضر عبر النور والإبداع.

منارة ثقافية للمستقبل

يتميّز مهرجان ضياء دبي عن غيره من مهرجانات الضوء في العالم بتركيزه الكامل على الإبداع الإماراتي. فهو لا يسعى لجذب السائح بقدر ما يحتفي بالهوية ويُظهر روح الإمارات التي تُضيء من الداخل.

ترى أبوحُبول أن المهرجان قد يتوسّع مستقبلاً ليشمل فنانين من منطقة الخليج، ولكنها تؤكد أن الإنتاج سيبقى إماراتياً خالصاً، لأن الجمال الحقيقي يولد من الأرض.

في زمنٍ تسيطر فيه العروض الرقمية العابرة، يأتي ضياء دبي ليذكّرنا بأن الضوء ليس مجرد إبهار بصري، بل هو ذاكرة ووجدان وانتماء. إنه انعكاس لأرضٍ ما زالت تُضيء العالم بنورها الأصيل.