تشارك

مقدمة

في الرحلة السينمائية العميقة الحياة بعد سِهام، يواجه المخرج الفرنسي‑المصري نمير عبد المسيح الحزن والذاكرة والإرث. يصور الفيلم محاولة الابن لتخليد والدته — سِهام — من خلال السينما، مع استكشاف طبقات العائلة والهوية مرورًا بمرور الزمن. العرض الأول للفيلم في الشرق الأوسط بمهرجان الجونة السينمائي في 21 أكتوبر 2025 كان هادئًا لكنه مؤثر وعاطفيًا بشكل كبير.

الخلفية وملخص القصة

بدأ فيلم عبد المسيح بانفعال اللحظة التي توفيت فيها والدته، حيث أمسك الكاميرا عازمًا على توثيق ما بدا وكأنه نهاية عصر.

يضم الحياة بعد سِهام لقطات أرشيفية منزلية لسِهام، ومشاهد الأب وجوايح والمخرج نفسه، مع إشارات إلى السينما المصرية وخصوصًا إرث المخرج يوسف شاهين. يستكشف الفيلم سؤالًا جوهريًا: بمجرد رحيل شخص ما، كيف نحفظه في ذاكرتنا؟ وكيف ننقل ذكراه دون أن نفقده بالكامل؟

الموضوعات والأسلوب الفني

الذاكرة والزمن

يعمل الفيلم مثل الذاكرة نفسها — غير خطي، متعدد الطبقات، وأحيانًا متكسّر. كما كتب أحد النقاد:

"يلعب الفيلم مثل الذاكرة، في ومضات من الماضي والحاضر … أحيانًا نُرجع إلى السبعينات … وأحيانًا نُقذف إلى مكتب طبيب في باريس اليوم."

يعكس عبد المسيح من خلال ذلك كيف أن الحزن والذكريات لا تتبع القواعد الزمنية التقليدية.

السينما كوسيلة للذكرى والخلود

تتحول السينما إلى أكثر من مجرد وسيلة تسجيل؛ فهي مساحة للخلود. تعمل الكاميرا في الحياة بعد سِهام على إبقاء سِهام حاضرة حتى بعد رحيلها الفعلي. ويقول المخرج بنفسه:

"في اليوم الذي توفيت فيه… كنت أعلم أن عليّ التصوير."

المزج بين الوثائقي والخيالي

يُبهت الفيلم الحدود بين الوثائقي والخيالي. تُعاد استخدام مشاهد من الأفلام المصرية الكلاسيكية، وتُعتمد أدوات جمالية، حيث تصبح حدود الواقع المعروض والمعاد تمثيله متاحة للانزلاق عمدًا. وذكر أحد النقاد:

"الكاميرا … حميمة جدًا، محمولة باليد، وأحيانًا تدخلية … حتى أنه صور جنازة والدته بنفسه."

الهوية والمنفى والانتماء

تعكس القصة الشخصية أيضًا أطرًا وطنية وسياسية: تاريخ الأب تحت نظام ناصر، الانتقال من مصر إلى فرنسا، وأسئلة الانتماء.

الاستقبال والعروض المهرجانية

عُرض الحياة بعد سِهام لأول مرة ضمن قسم ACID في مهرجان كان السينمائي عام 2025.

حظي عرضه الأول في الشرق الأوسط بمهرجان الجونة السينمائي بمصر بتقدير كبير لصراحته العاطفية وابتكاره الفني.

كما حصل الفيلم على جوائز، منها تكريم من الكنائس في زيورخ، تقديرًا لعكسه العالمي للعائلة والذاكرة والحزن.

لماذا هو مهم

  • شخصي ولكنه عالمي: على الرغم من جذوره في قصة عائلية واحدة، يفتح الفيلم مساحة لأي شخص فقد أحدهم، أو شعر بتغير الزمن تحت وطأة الحزن.

  • تجريب سينمائي: يتحدى الفيلم المعايير الوثائقية ويدعو للتأمل في كيفية تخليد السينما للذاكرة وإعادة تشكيلها.

  • غنى ثقافي: يربط بين مصر وفرنسا وتاريخ السينما والذاكرة الشخصية — جسر بين شمال إفريقيا/الشرق الأوسط وأوروبا، وبين المهجر والوطن.

  • مجازفة فنية: اختيار تصوير الجنازة، والRawness في المشاهد، وغياب النص التقليدي — يجعل الفيلم جريئًا في تعريه العاطفي.

الخاتمة

في الحياة بعد سِهام، يقدم نمير عبد المسيح أكثر من فيلم عن الحزن: يقدم تأملًا في الزمن والذاكرة والهوية وقوة السينما في الاحتفاظ بما يزول. من خلال الصور الحميمة، واللقطات الأرشيفية، والبنية الجريئة، يدعو المشاهدين إلى عالم عاطفي عميق، حيث تظل الأم حاضرة ليس فقط في الماضي، بل في فعل التذكر نفسه.

هذا الفيلم يستحق الاهتمام العميق والمتأمل من عشاق السينما، والباحثين في مجالات الذاكرة والمهجر، وكل من تأثر بالفقد.